سياكو
04 اکت 2014 شنب
بقايا من صور الذكريات في حقيبة دنيز فرات
مكان تعرض للنسيان في أعماق قلب السموات، شامخ إلى ذلك الحد الذي لانهاية له، وقد اختار أعماق قلب السموات مكانا له، لهذا لايمكن للإمطار والعواصف والثلوج المسافرة أن تمر من هناك دون أن تلقي سلاما عليه. كيف لا وهو المضياف المعروف بكرمه وحسن ضيافته. ومثلما أعطت السموات له مكانا في قلبها كذلك هو فتح أبواب كهوفه ومغاراته لكافة الضيوف المارين من جانبه، وكأنه يفتح أبواب قلبه للزائرين في كافة الأوقات والفصول. نسيم قادم من الأعالي، غيمة تمتلئ في الأفق، عاصفة تتحول إلى طرق ليلية تصعد نحو الأفق، أمطار تنهمر جراء دموع السماء الممتلئة، حبات ثلجية جافة، كلها تتجمع في أوقات مختلفة لكن في المكان نفسه. تضيء النجمات الموجودة في حضن الليل، إنها تبدو قريبة جدا لدرجة يخيل للمرء انه إذا مد يده إلى السماء سيستطيع الإمساك بها. وفي هذه الليلة أيضا ستزوره كل النجمات. وستبدو مرة أخرى كالعقد المارديني الذهبي المزين على عنقه، انه قطعة من ارض وطني الواحدة والغير مجزئة....في الحقيقة لامكان لااسم شرق كردستان على خارطة البلدان الموجودة لديهم، أو إن صح التعبير فهي تلك البقعة التي تشكل الحدود الفاصلة فيما بين العراق وإيران. ولكن عندما لاتعطي أهمية للحدود المصطنعة، وقتها تصبح تلك البقعة الجبلية المرتفعة كلاشينه(Kelaşînê). المرتبطة مع منطقة شرق كردستان. يغطي في احد جانبيها سهل(Şino) وفي الجانب الأخر مروج كلاشينه، وهو في الوسط يشكل قمة عالية من قمم العشق الآبية. وهل سيتم التكلم دائما عن جارجيلا، منذر، جودي، انكيزك، اكري ونورهاق، لنترك دفترنا في هذه المرة يستمع إلى ذكريات سياكو(Siyako) التي سيقوم قلمنا بسردهاحتى يعلم بانه لازالت في كل شبر من هذه الأراضي هناك العديد من الأمكنة التي لم يتم التحدث عنها وما زالت ذكرياتهم مخبئة. سياكو يعني الجبل الأسود، في اللغة الفارسية تأتي كلمة سيا بمعنى(اسود)وكو بمعنى (الجبل العالي). كذلك في اللغة الكردية(اللهجة الدملكية-الظاظائية)تأتي كلمة كو بالمعنى نفسه. أما في اللهجة الكرمانجية فتاتي كلمة ساكو بمعنى الجبل الموجود في الظل. بعد مسيرة طويلة ومتعبة وصلنا بفرح كبير إلى قمة كلاشينه. هبت رياح باردة قادمة من سياكو نحو كلاشينه وكأنها كانت تنتقم لآلاف السنين من أحجار كلاشينه البيضاء والزرقاء. أثارت تلك الرياح انتباهي وتساءلت في نفسي لماذا يتجه سياكو نحو كلاشينه برياحه الباردة كالأم الثكلى الحزينة على طفلها. فكرت في نفسي واتجهت صوب سياكو. لماذا ياسياكو أنت غاضب لهذه الدرجة؟ ولماذا تتجه نحو كلاشينه كالأم الثكلى المفتولة القلب؟ جاوبني سياكو فقال: "حسب الحكماء، لقد أصبحت أحجاري سوداء نتيجة عشق شينو وكلاشينه، عندما كنت شابا في مقتبل العمر أصبحت عاشقا لشينو وكلاشينه، لهذا عندما سمعتا عن حقيقة عشقي لهما، اتجهتا نحو آلهة الحب والعشق وقالتا لها"إذا كنت تسمعيننا أصغي إلى ما نقوله لك يا آلهة العشق والحب! ديارنا هي للخير والبركة، وليلفح ما بقلبنا على سياكو حتى يعلم بأنه لايمكن لأي قلب أن يحتوي على عشقين اثنين. لهذا اجعلي وجه سياكو هذا اسودا".في غابر الزمان كانت الطبيعة بكل ما فيها من بشر وحيوانات صادقة مع الأم الإلهة، لهذا تجاوبت الأم الآلهة مع طلبهم ذاك وجعلت وجهي اسودا، ومنذ ذلك اليوم والى الآن لازال وجهي اسودا. عندما انظر إلى شينو وكلاشينه يقول وجهي الأسود عبر الغيوم والقمر والثلوج والأمطار:"بسبب عشقكم جعلت الأم الإلهة وجهي اسودا، وأنا بدوري سوف لن اجعل الرياح والعواصف تتوقف عن الهبوب أبدا". لاتنقطع الرياح أبدا عن الهبوب في ذلك المكان في كافة الأوقات والفصول. لهذا يكون الطقس باردا دائما في كلاشينه". لقد اظهر سياكو برأسه أمام كافة جبال كردستان التي ترى من جانبه، فهو أيضا مثلهم جميعا قد أظهر رأسه شامخا عاليا دون الاكتراث لأي شيء آخر. فسياكو بالرغم من كافة آلام شعوب هذا الوطن مرفوع الرأس حتى بالرغم من فاجعة عشق شينو وكلاشينه أيضا...نوم رائع تحت أجنحة السماء العالية، يغط كندال في النوم متوجها بوجهه نحو سياكو، ومستندا ظهره إلى أحجار كلاشينه وهو مستلق في حضن صديقه، عندما رأيت ذلك تذكرت على الفور اغنية" sar e sar e, Kêlaşîn her de sar e"،(باردة كلاشينه، دائما باردة). فما أجمل النوم في حضن رفيق تحت ظل أجنحة سياكو. بعد تلك المسيرة الطويلة كان كاندال قد ارقد إلى النوم في حضن صديقه باهوز، مثل الطفل الذي يرقد بأمان في حضن والدته...وكيفما كانت السماء قد خبئت كل من سياكو وكلاشينه بين أجنحتها، كذلك كان باهوز قد فتح أبواب حضنه لصديقه كندال ليرقد فيه بأمان وليحميه من الهواء البارد. كان الطقس باردا جدا، وفي ذلك الهواء البارد كان صديقه قد فتح أبواب حضنه لصديقه. وفي الوقت الذي كانت فيه رياح سياكو تهب على كلاشينه مثل السيف القاطع وتلفح الوجوه مثل حد السكين. كان حضن باهوز قد تحول إلى مرقد امن للنوم المريح. كان كندال قد بقي سنوات طويلة في زاغروس أو إن صح التعبير بقي في كل من جارجيلا وجيلو وكوفنده، فهو يعلم جيدا مدى لذة مثل ذلك النوم، لهذا وفي اللحظات القليلة الأولى استغل تلك الفرصة ووضع برأسه على ركبة صديقه ثم ارقد إلى نوم المروج الرائعة. يقال عندنا" النوم الأكثر ارتياحا هو النوم في الخيام السوداء الموجودة في المروج". لكن بسبب عدم وجود مثل تلك الخيام السوداء على قمة كلاشينه لم نستطع تحقيق مقولة أجدادنا، لهذا فالنوم في حضن صديق كانت فرصة لاتعوض. لايمكن لأي شيء حماية المرء في الطقس القارس للخريف في المروج العالية سوى الارتماء في حضن صديقة/صديق، فوحدهم الأصدقاء يفتحون ذراعهم وقلوبهم لبعضهم البعض، حتى بين نيران الحرب أيضا إنهم يفتحون حضنهم لبعضهم البعض. ما إن رأيت ذلك الموقف حتى تذكرت رفيقنا ومعلمنا الأول خليل داغ. لم يكن ينسى أبدا مثل تلك المواقف. كان سيلتقط صورة لو توفرت له الفرصة، وإذا لم تتوفر له الفرصة كان سيلتقط تلك الصورة في قلبه ومن ثم إذا توقف في مكان ما كان سيخرج قلمه ودفتره ويبدأ بكتابة ذكريات الكريلا الأكراد والطبيعة الجميلة لهما. في ذلك الوقت تواجدت معي آلة التقاط الصور، تذكرت رفيقي في تلك اللحظة وقمت بالتقاط صورة قد لاتكون لها أية قيمة من الناحية الفنية. أما بالنسبة لي فالصورة التي التقطها تعادل العديد من الصور الفنية. ربما سبقني الرفيق خليل داغ إلى هذا المكان الذي زرته بعد سنوات، وربما قد كتب والتقط صورة لها....لكنني أحببت النظر إليها بعينا الرفيق خليل داغ والتقاط صورة لها مرة أخرى. بينما اتجهت الشمس نحو الغروب كنا نلقي نظرات الوداع على سياكو، وبعد ذلك بدأنا مرة أخرى مسيرتنا الطويلة....
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 37
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 38
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 39
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 40
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 41
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 42
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 37
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 38
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 39
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 40
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 41
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 42
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 37
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 38
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 39
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 40
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 41
Warning: Trying to access array offset on value of type bool in /home/komunar/public_html/ar/includes/reklamlar.php on line 42